ناهد قرناص تكتب: زمن العدة الاضافي
16 أبريل، 20210
توارثت نساء بلادي منذ القدم ..عشق (العدة)…لا فرق بين ذات الجاه وتلك التي لا تملك شيئاً …وينال نقاش (العدة) نصيباً لا بأس به في جلسات النساء ..ينافس أحاديث التياب وأحياناً يتفوق عليها في مواسم كشهر رمضان .. أذكر انه في جلسة نسائية ..تساءلت صديقتي وهي ضاحكة (تفتكروا يا جماعة ..ليه الواحدة فينا لما تحصل مشكلة ..وتقول للراجل ..ماشة بيت ابوي ..وهي زعلانة وتنقنق براها ..تلقاها تمشي طوالي تلملم في العدة ؟؟)..اختلفت التفسيرات وتضاربت الأقاويل ..المهم في خضم هذا النقاش ..اذا بخالة صديقتي صاحبة المنزل ..تدلي بمشاركة و تقول (كيف يعني ما تلمها ؟؟ دا ربنا قال ..واحصوا العدة)..التفتنا ناحيتها فقد كانت تجلس بعيدة بعض الشىء…ثم ضحكنا ونحن نقول لها ان تلك هي (عدة ) أخرى.. حسابها الايام والساعات وليس (الصحون والكبابي).
يندهش الرجال من الحرص على امتلاك عدة انواع من طقوم الشاي والعشاء وكميات لا بأس بها من الملاعق والشوك والسكاكين ..واعداد مقدرة من (الثرامس) ..وأشكال وأحجام مختلفة من (الصواني )..تظل حبيسة الخزانات وربما يحين الأجل قبل استخدامها وإخراجها من الخزانات ..ويبلغ الحرص عليها ..درجة بعيدة ..حتى انني استغرب ان شركات التأمين لم تدخل هذا الملعب وتركته لنظرات التحذير وخشية غضب الامهات واتقاء شر (المداعاة) من شاكلة (لو كسرتي البراد ..بجي بكسر ليك ضلوعك)..او (يدشدش عضامك زي ما دشدشتي لي الصحن دا)….
يتساءل (اخوان فاطمة) عن جدوى افناء العمر في شراء كل هذا الكم نوعاً وكيفاً من اصناف الأواني (ولا أبرىء نفسي )…قال زميلي الذي عاد من بعثة خارجية ..انه عندما اراد العودة من تلك البلاد ..واتصل بموظف شركة الشحن …اندهش الموظف من عدد (الكراتين) فقد كانت 38 كرتونة تنطح كرتونة..قال زميلي انه كان يعرف محتويات اثنين منها وهي كتبه وأوراق ابحاثه ..اما البقية فهي (عدة المدام)…
ها أنا أجيب على هذا السؤال الذي تم طرحه مراراً وتكراراً (ما هي الجدوى؟؟؟) ..وهل من الممكن ان نصل يوما ما الى مرحلة الرضا عن العدة التي تملكها احدانا ونقول بكل ثقة (خلاص كفاية؟؟).. رغم ان هذا مطلب يندرج تحت بند (غالي والطلب غالي ) .. رد قائلة انه …لولا تلك الساعات التي تقضيها النساء في جمع العدة ساعة الغضب وبعد ان تنذرك بأنها (ماشة بيت أبوها) …لولا تلك المهلة التي تمنحها لك لكي تراجع نفسك وتتخيل هذا المنزل بدونها (هي وعدتها )..لولا مهلة (العدة) هذه .. لهدمت بيوت وأسر ..وانهارت عائلات وتقطعت انساب .. فرجاء سيدي الرجل …عندما تصل الامور الى طريق مسدود ..وترتفع الاصوات ويكثر النحيب ..وتضيق الارض بما رحبت وتبلغ القلوب الحناجر ..وتصرخ زوجتك انها راحلة ولن تعود …اذا وجدتها بعد كل هذا ..قد اتجهت ناحية (الفضية ) ..و بدأت في جمع (العدة) ..لا تظن ان تلك (قلة شغلة منها) ..او انها تهتم بسفاسف الأمور ..ولا تردد (الناس في شنو )…انها يا سيدي تعطيك زمناً اضافياً قبل انطلاق الصافرة .. و تقدم لك فرصة ذهبية للتراجع.. فاغتنمها بكل سرور وأعمل بشعار (عديها خلي يومك يعدي)…واستمع معي الى رائعة وردي (رحلت وجيت ..في بعدك لقيت ..كل الأرض منفى).
الجريدة