الفاتح جبرا ..خطبة الجمعة
16 أبريل، 20210
الحمد لله وأشهدٌ أن محمداً عبدُه ورسوله ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أما بعد:
أيُّها الناس، اتقوا الله تعالى، واشكروه إذ بلغكم شهر رمضان، وسلوه أن يعينكم في هذا الشهر على اغتنام أوقاته بالطاعات والخيرات، فإنه موسم عظيم ووافد كريم فضله الله سبحانه وتعالى فقال:(شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) .
إن هذا الشهر أحبتي شهر خير فلنعرف قدر هذا الشهر ولنستقبله بالبشر والسرور قد كان النبي صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه بقدومه قال: أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم مبارك، جعل الله صيامه فريضة، وقيام ليله تطوعا ، وذكر له فضائل كثيرة:
فأول فضائل هذا الشهرأن الله أنزل فيه القرآن وذلك في ليلة القدر كما قال جل وعلا:(إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ)،(إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ) ، ثم تتابع نزوله على النبي صلى الله عليه وسلم مفرقاً حسب الوقائع والنوازل إلى أن أكمله الله عند وفاة النبي صلى الله عليه وسلم حينما أنزل الله عليه قوله:(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً)، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يخص هذا الشهر بتلاوة القرآن أكثر من غيره، وكان صحابته والمسلمون من بعدهم يقبلون على تلاوة القرآن في هذا الشهر العظيم، فهو شهر القرآن، وهو شهر الصيام، فالله جل وعلا جعل صيامه فريضةً وركناً من أركان الإسلام (مَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ)، والنبي صلى الله عليه وسلم شرع لنا وسن لنا قيام ليله قال صلى الله عليه وسلم: من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه وقال صلى الله عليه وسلم: من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه .
ومن فضائل هذا الشهر: أنه تفتح فيه أبواب الجنان، وذلك بتيسير الأعمال الصالحة وتسهيلها على أهل الإيمان، وتغلق فيه أبواب النيران وذلك بأن المسلمين يتوبون إلى الله ويستغفرونه فينجون من النار.
أيُّها الناس:
ينادي منادينا كل ليلة من ليالي شهر رمضان يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر ولله عتقاء من النار وذلك في كل ليلة، يا باغي الخير أقبل هل أحد لا يريد الخير؟ كلنا يريد الخير كل الناس يريدون الخير، لكن الشأن لا يقتصر على الإرادة لابد من العمل، فإذا أردت الخير فعمل (وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً)، فإذا أردت الخير فاعمل، اعمل الخير ولا يكفي الإرادة فإن في الحديث: العاجز من اتبع نفسه هواها وتمن على الله الأماني، فالأماني لا تنفع ولإرادة وحدها من دون عمل لا تنفع يا باغي الخير أقبل أقبل على الله بالطاعات ، وأول ذلك المحافظة على الفرائض في أوقاتها وبالطاعات واعرضوا عن قنوات الملاهي والرقص والغناء والمسلسلات وعن لعب الورق والانغماس في (الواتسآب) .
فاتقوا الله، عباد الله، وبادروا بالخيرات ما دامت ممكنةً لكم وميسرةً لكم فإن الفرص لا تدوم وإن الحياة زائلة وإن العمل باقي على خيره أو وشره.
واعلموا أن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هديِّ محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكلٌ بدعة ضلالة.
وعليكم بالجماعة، فإن يدا الله على الجماعة ومن شذَّ شذَّ في النار ثم اعلموا أن الله أمركم بأمر عظيم فقال سبحانه وتعالى (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)، اللَّهُمَّ صلِّ وسلِّم على عبدِك ورسولِك نبينا محمَّد، وارضَ اللَّهُمَّ عن خُلفائِه الراشدين،الأئمة المهديين، أبي بكر، وعمرَ، وعثمانَ، وعليٍّ، وعَن الصحابة أجمعين، وعن التابِعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين.
اللَّهُمَّ اجعل هذا البلد آمناً مطمئناً يا رب العالمين، اللَّهُمَّ بارك لنا في شهر رمضان، اللَّهُمَّ أرزقنا فيه القوة والاحتساب والعمل الصالح، اللَّهُمَّ أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، اللَّهُمَّ ارزقنا من فضائله ومغانمه ما يسرته لنا، اللَّهُمَّ أعنا على صيامه وقيامه وحفظ أيامه من الخلل والضياع، (رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)، اللَّهُمَّ أصلح ولاة أمورنا واجعلهم هداة مهدين غير ضالين ولا مضلين، اللَّهُمَّ أصلح بطانتهم وأبعد عنهم بطانة السوء والمفسدين يا رب العالمين.
عبادَ الله، (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)،(وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمْ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ)، فاذكروا اللهَ يذكُرْكم، واشكُروه على نعمِه يزِدْكم، ولذِكْرُ اللهِ أكبر، واللهُ يعلمُ ما تصنعون.
الجري