البرهان ودليل الانقلاب بمباركة المجتمع الدولي
عائشة البصري
قاد قائد القوات المسلحة السودانية، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، انقلابا عسكريا مكتمل الأركان، عبر تعطيله العمل بالوثيقة الدستورية، وفرْض حالة الطوارئ، وحلّ مجلسي السيادة والوزراء، واحتجاز رئيس الوزراء وعدد من الوزراء والمسؤولين السياسيين، وإعفاء الولاة، وتجميد لجنة تفكيك التمكين، والتصدّي بالرّصاص الحي للمدنيين الذين خرجوا للدفاع عن ثورتهم. بذلك تكون قد أُبطلت أسطورة انحياز الجيش للثورة وانقلابه على نظام المشير عمر البشير، الجيش الذي عندما قامت ثورة ديسمبر 2018 العظيمة لم ينتشر لحماية المدنيين من جرائم كتائب الظل وجهاز الأمن ومليشيا الدعم السريع، بل الثوار هم الذين ذهبوا إليه هاتفين “شعب واحد جيش واحد”، وردّ عليهم بالمجزرة أمام مقر القيادة العامّة للقوات المسلحة في الخرطوم، ولم يحاسَب عليها بعد. ما حرّك المؤسسة العسكرية آنذاك ليس خوفها على الشعب، وإنما خوفها منه، من انقلابٍ حقيقيٍّ على النظام، بعد أن بدأ ضباطٌ صغارٌ ينشقّون عن صفوفها ويلتحقون بالثوار.
تبخرّت اليوم مزاعم انضمام عساكر نظام البشير للثورة التي تبنّتها قوى الحرية والتغيير، لتبرير شراكةٍ مستحيلةٍ مع أعداء الثورة، وخرجت جماهير شعبية سئمت الحكم العسكري الجاثم على السلطة، وستقاومه بكل ما أوتي المجتمع المدني من قوةٍ وعزيمةٍ وتجربة. لم تنطفئ شعلة الكفاح من أجل حكم مدني ديمقراطي في السودان، لكن عملية التحرّر من الاستبداد في أوطاننا لا تنحصر في علاقة الحكّام بالمحكومين، وإنما تتوقف أيضا على عنصر هام في هذه المعادلة الصّعبة: المجتمع الدولي. ويوحي هذا المصطلح بوجود رابطة أُممٍ تتقاسم قيماً وتلتزم بقواعد واتفاقات وقوانين دولية تجعلها قادرةً على التحرّك معاً، لتحقيق أهداف جماعية، بينما واقع الحال يؤكد عكس ذلك.