البنتاغون لا يستبعد تحشيد في البحر الاحمر
عبدالرحمن الامين واشنطن
عقب عودته من قمة المناخ فجر الاربعاء ، وبعد ان تداول الرئيس جوزيف بايدن صباح امس مع مجلس أمنه القومي ووزير الخارجية بلينكن ، اصدر الرئيس الامريكي توجيهاته عند الظهيرة بسفر السفير جيفري فيلتمان ، مبعوثه لمنطقة القرن الافريقي .
وبالفعل غادر واشنطن اليوم السفير فيلتمان متوجها الي اثيوبيا التي سيمضي فيها كل يوم غد الجمعة للبحث مع قيادتها والشركاء الاقليميين عن الخطط والخطوات التي يمكن اتخاذها لوقف تدهور الاوضاع الامنية ومنع اجتياح قوات التقراي للعاصمة الاثيوبية .
وقالت مصادر عسكرية لهذا المراسل ان البنتاغون لا يستبعد امكانية تحريك تشكيلة من بعض القطع البحرية الضاربة من مواقعها الراهنة في بحر العرب والبحر المتوسط وادخالها للبحر الاحمر عبر باب المندب والتمدد في الموانئ المحيطة ، من ممباسا جنوبا والي بورتسودان شمالا . وقالوا ان هذا القرار متروك للرئيس وعادة ما يسبقه تخطيط لبدائل الطوارئ Contingency planning توفر اجابات مفصلة عن السؤال المركزي : ماذا سيحدث اذا إستجد طارئ؟ ولان مثل هذه الدراسة تخضع لاستعراض فرضيات ومتغيرات عديدة فعادة ماتشارك فيها كل الادارات والاجهزة الممثلة في مجلس الأمن القومي جميعا رغم أن الرئيس يتلقي يوميا تنويرا استخباريا كاملا عن كل المستجدات الاستراتيجية .
وعلي محور آخر ، لم يتضح اذا ما كان فيلتمان سيزور الخرطوم من اديس ام انه سيتوجه اولا لبعض عواصم المنطقة ذات الصلة بملف الازمة السودانية .بيد ان مصادر متطابقة ذكرت ان فيلتمان الغاضب جدا من البرهان يطير للمنطقة هذه المرة”متسلحا بعدد من القرارات والمواقف السياسية والاستراتيجية المعلنة وعدد اكبر من الاوراق الضاغطة واهمها الحشد الاقليمي غير المسبوق الذي عبر عنه البيان الرباعي المزلل الذي صدر من السعودية والامارات وبريطانيا والولايات المتحدة ” علي حد قولها . وأضافوا أن لغة البيان الحاسمة قضت علي هامش المناورة الذي كان يأمل فيه البرهان ، اذ طالب البيان الرباعي ، بلا لبس او دبلوماسية بضرورة ( الاسراع بإرجاع الاوضاع لما كانت عليه وتثبيت حكم المدنيين في السودان ) الذي انقض عليه البرهان بانقلابه، كما تفيد الخلاصة التحليلية للبيان الذي مط اللسان ازدراءا بالموقف المصري وتجاوز عمدا عدم تضمين امضاء القاهرة عليه . وبذلك، يكون الغطاء قد انكشف تماما عن الانقلاب وقضي علي آمال البرهان في تعزيز قدرته التفاوضية ، من جهة ، ومن جهة مقابلة جعل مصر محاصرة مابين فشلها الدبلوماسي ، كلاعب أساسي في المعادلة السودانية ، وسقوطها الاستخباري في تقدير الموقف العام . فقد تعرّي بوضوح عجزها عن الوفاء بأي من التزاماتها التي تعهدت بها وتشجيعها للبرهان يوم 24 اكتوبر بتنفيذ الانقلاب . فغادر مطار القاهرة مطمئنا ومصدقا ماسمعه من قدرتها علي دعمه وتثبيت نظام حكمه الجديد . استطرادا من تلك التفاهمات ، نفذ البرهان الانقلاب في الساعات التالية لعودته من مصر ، فتورط الاثنان .
وتتوقع العديد من المصادر ان يصدر مجلس حقوق الانسان غدا الجمعة ادانة قوية للانقلاب العسكري في السودان مما سيفتح الباب عريضا امام دعاوي ضرورة تعيين مقرر أممي لحقوق الانسان في السودان يتم تكليفه بفتح ملف جرائم القتل والتعذيب التي شهدتها ثورة ديسمبر من فض الاعتصام في 2019 وحتي الاسبوع الماضي . ويرجح كثيرون ان تمادي السلطة الانقلابية في الاخفاء القسري للمعتقلين السياسيين وغيرهم من شباب المقاومة ، ورفض إطلاق سراحهم ، واستمرار منع ذويهم من زياراتهم ، كل هذا يزيد من قلق الاسرة الدولية علي الحالة الصحية لعدد من هؤلاء وبخاصة ان إعتقالهم ، في الاساس، مرفوض قانونا . فالاسرة الدولية ،ولكونها الاكثر حساسية تجاه اعراف ومواثيق الحصانات القانونية ، ترفض وبصورة مبرمة التعدي الجسماني ، وعدم مراعاة ما يتمتع به عادة الوزراء واعضاء مجلس السيادة والمستشارين من حصانات قانونيةوسيادية فضلا عن انهم ، في هذه الحالة بالذات ، لم يرتكبوا اي جرائم جنائية استوجبت استدعائهم او إعتقالهم من جهة عدلية . بل علي العكس تماما ، فمن ذهب للقبض عليهم من غرف نومهم نفذ اوامرا غير دستورية ، إذ ليس من سلطة دستورية او حتي عسكرية تمنح قائد الجيش، غض النظر عن نوع نظام بلده السياسي ، صلاحيات قانونية تخوله حبس المدنيين او تعيينهم او إعفاؤهم من وظائفهم حتي لو كانوا مذنبين.
aamin@journalist.com