ماذا يحاك ضد الثورة والوطن بإسم التوافق والتسامي فوق الجراحات ؟!

عبد القادر محمد أحمد
المحامي
صباح اليوم 21 نوفمبر رشح خبر عن اتفاق بين المكون العسكري ود. حمدوك ، ثم تلاه تعميم صحفي منسوب لما يسمى بالمبادرة الوطنية الجامعة ، بتوافق كيانات على عودة د. حمدوك رئيسا للوزراء والاستمرار في التوافق الدستوري والقانوني والسياسي للفترة الانتقالية ، واطلاق سراح المعتقلين السياسيين ، واستكمال المشاورات مع بقية القوى السياسية.لا نريد استباق الأحداث لكن ما رشح وما ورد في البيان كاف لقول الآتي :-
1 – الانقلابات العسكرية لا تجابه بالتوافق والتسويات السياسية ، فعندما يتم التفاوض مع الانقلابيين تكون أقصى مطالبهم هي ضمان حياتهم مقابل إلقاء السلاح والتسليم ، وتاريخنا يشهد بما حدث حتى لمن انقلبوا على الأنظمة العسكرية.

2 – مع ذلك نقول أن التوافق واعلاء مصلحة الوطن وحقن الدماء مطلوب ، لكن ظاهر ما تم لا علاقة له بذلك ، فهو عبارة عن إعتراف صريح بالانقلاب والاجراءات التي تمت والقرارات التي صدرت في وبعد تاريخ الإنقلاب ، وإستجابة كاملة لشروطه ، بل أن المجلس السيادي الانقلابي هو الذي سيعتمد حمدوك رئيسا للوزراء ! .

3 – يتحدث البيان عن استمرار إجراءات التوافق الدستوري والقانوني والسياسي للفترة الانتقالية ، واستكمال المشاورات مع بقية القوى السياسية ، في الوقت الذي تمت فيه الاستجابة لمطالب الانقلابيين ، ثم تأكد بأن هناك لجنة قانونية تجتمع الآن لمراجعة الوثيقة على ضوء ما تم.! فماذا تبقى للتشاور حوله مع بقية القوى السياسية.! وإذا كان الأمر لا زال مطروحا للتشاور ، فلماذا العجلة للاعلان عن إتفاق ! .

4 – ما هو السر في أن يجتمع البرهان قائد الانقلاب المدعوم بانصار النظام المباد ، مع حمدوك مسلوب الإرادة بحكم الاعتقال ، ويعقب ذلك الإعلان عن التوصل معه لاتفاق ، ليجتمع المجلس السيادي الانقلابي لتعيينه وليعقب ذلك اجتماع (القوى الوطنية) للتوقيع على الإعلان السياسي المصاحب للاتفاق .؟! ثم من أين يستمد حمدوك الحق في التفاوض بإسم الثورة ؟! .
ما حجم وابعاد المؤامرة على الثورة والوطن التي يدبرها من يسمون أنفسهم بالكيانات الوطنية؟! .

5 – إن ما حدث ويحدث هو تكرار لذات سيناريو ما تلى مذبحة الاعتصام وادي لسيطرة المكون العسكري ولفشل ما مضى من المرحلة الانتقالية ، بل هو أسوأ لأن المكون العسكري الآن قام بالانقلاب واتخذ عدة قرارات وترتيبات ، وقتل ولا زال يقتل المتظاهرين ، والآن وبموجب الإتفاق تم الاعتراف بإنقلابه وحصل على كل ما يريد ، واستمر البرهان رئيسا لمجلس السيادة ، ونجح بذلك في شق صف القوى السياسية ولا يهمه بعد ذلك موافقة حمدوك أو عدم موافقته على رئاسة الحكومة.

6 – الإتفاق فيه تجاهل للشارع صاحب الكلمة وللشباب الذين ظلوا يقاومون الإنقلاب ويتعرضون للقمع والقتل ، وفي ذات الوقت لديهم تحفظات على أداء السيد حمدوك وحكومته ، ويطالبون بإصلاح كامل مسار الفترة الانتقالية ، بالتالي فإن تجاهلهم لم يكن إلا بغرض تأييد الإنقلاب ، والرضوخ له وقبوله كوصي على اي حكومة يتم تشكيلها ، وتمكينه من الالتفاف حول الثورة وأهدافها.

هذا الإتفاق المشبوه بدوره يشكل محطة من محطات التنقية ، لتعود الثورة معافاة ممن يرفعون شعاراتها علنا ويتآمرون عليها سرا .

قد يعجبك ايضا