5 جرائم كبرى توقع البرهان وحميدتي واعوانهم تحت طائلة القانون الدولي
رصد قانونيون ومراقبون 5 جرائم كبرى ارتكبها قائد الجيش عبدالفتاح البرهان وقائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي” خلال الأشهر الماضية مما يعرضهما إلى جانب أعضاء المجلس العسكري والداعمين لانقلاب 25 أكتوبر للمحاسبة في اي وقت من الاوقات وفقا للقانون الدولي. وشملت الجرائم المرتكبة والمجرمة بوضوح في القانون الدولي ومواثيق روما ومحكمة الجنايات الدولية؛ فض اعتصام القيادة وقطع الإنترنت وقمع واعتقال المحتجين السلميين وجرائم الاغتصاب واستخدام المرتزقة.
ويعكف حاليا قانونيون وناشطون حقوقيون واعلاميون ومختصون في كافة المجالات على تشكيل هيئات لتجهيز ملفات متكاملة عن تلك الجرائم الخمس بغية ضمان عدم الإفلات من العقاب.
فض الاعتصام
تعتبر جريمة فض اعتصام الثوار أمام القيادة العامة للجيش في الخرطوم في الثالث من يونيو 2019 والتي راح ضحيتها اكثر من الف شخص؛ من جرائم الإنسانية الكبرى التي يعاقب عليها القانون الدولي بعقوبات مشددة. وتتعلق تلك الجريمة وفقا التعريفات القانون الدولي بكل من امر او ارتكـب بنفسه أو بالاشتراك مع غيره أو شجع أو عزز أي هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أية مجموعة من السكان المدنيين وهو على علم بذلك الهجوم.
عليه؛ ووفقا للقانون الدولي والمواد من 186 إلى 189 من القانون الجنائي السوداني فإن جريمة فض الاعتصام تعتبر جريمة ضد الإنسانية يعاقب مرتكبيها والمشتركين فيها سوى باصدار الاوامر او التنفيذ بالاعدام أو بالسجن المؤبد.
وتنص القاعدة 153 من القانون الدولي على ان الأشخاص الآخرون الأرفع مقاماً مسؤولون جزائياً عن الجرائم ضد الإنسانية التي يرتكبها مرؤوسوهم إذا عرفوا، أو كان بوسعهم معرفة أنّ مرؤوسيهم على وشك أن يرتكبوا أو كانوا يقومون بارتكاب مثل هذه الجرائم ولم يتخذوا كل التدابير اللازمة والمعقولة التي تخولها لهم سلطتهم لمنع ارتكابها .
وفي هذا السياق يشير المحامي الصادق علي حسن رئيس معهد السودان للديمقراطية وعضو هيئة محامي دارفور إلى ان كل النظم القانونية الدولية تنص على جريمة الإشتراك الجنائي؛ لذلك متى ما ثبت ان هنالك اوامر صادرة من اي رئيس إلى مرؤوسيه ونجم عن ذلك وقوع جرائم ايا كانت انواعها فهذه تترتب عليها “المسؤولية الجنائية”. ويضيف “الواضح أن الجرائم التي ارتكبت اثناء فض اعتصام الثوار أمام القيادة العامة مرتبطة بقرار الفض؛ عليه عندما تثبت مرجعية قرار فض الإعتصام فإن المسؤولية المباشرة تقع على من اصدر القرار ومن قام بتنفيذه وتكون المسؤولية مشتركة بينهم بالتضامن والإنفراد.
ويوضح حسن “الجوانب الفنية لهذه الجريمة تتعلق بالنتائج المرتكبة من قتل واغتصاب وترويع؛ ولكن جريمة فض الاعتصام بركنيها المعنوي والمادي قد اكتملتا؛ فالمادي يتعلق بالأوامر بالقتل وتحريك القوات؛ اما المعنوي فيتمثل في توآفر القصد الجنائى بدليل محاولات طمس الحقائق “.
جرائم الاغتصاب
وفقا لتقارير مؤكدة فإن 13 سيدة على الاقل تعرضن للاغتصاب والعنف الجنسي على يد قوات الأمن السودانية خلال الاحتجاجات التي تلت انقلاب البرهان. وتجرم القاعدة 93 من القانون الدولي الاغتصاب وأيّ شكل من الأشكال الأخرى للعنف الجنسي.
كما تحظر اتفاقية جنيف الثالثة في البروتوكولين الإضافيين الأول والثاني وخصوصا المادة 75 “المعاملة المهينة والحاطة بالكرامة، والإكراه على الدعارة، وأية صورة من صور خدش الحياء”، تضيف المادة 4 من البروتوكول الإضافي الثاني لهذه اللائحة، وبوضوح، “الاغتصاب”.
وتأمر اتفاقية جنيف الرابعة والبروتوكول الإضافي الأول بالحماية من الاغتصاب وأية صورة من صور خدش الحياء. وتعتبرهما جرائم حرب بموجب النظامين الأساسيين للمحكمة الجنائية الدولية.
وبموجب النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية؛ يشكّل الاغتصاب أو أي شكل آخر من أشكال العنف الجنسي جريمة ضد الإنسانية.
وقالت وحدة مكافحة العنف في السوظان إن ما جرى في التاسع عشر من ديسمبر هو امتداد لافعال مليشيات النظام البائد التى ظلت تمارس الاغتصاب ضد النساء فى دارفور منذ 2003 وفي الخرطوم اثناء عملية فض اعتصام الثوار أمام القيادة العامة للجيش في الثالث من يونيو 2019.
وفي ذات السياق حمل منبر نساء الحرية والتغيير مسؤولية ما يحدث من اغتصابات وعنف جنسي ضد النساء للسلطة القائمة حاليا والمليشيات المتعاونة معها. ودعا المنبر كل المنظمات المحلية والدولية العاملة فى حقوق الانسان الى تكوين لجنة حقوقية دولية للتحقيق فى ذلك..
ومن جانبها ادانت المفوض السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة عمليات الاغتصاب والعنف المفرط التي طالت المئات من السودانيات المشاركات في الاحتجاجات الأخيرة.
الاعتقال والتعذيب
تعرض أكثر من ألف شخص – بينهم أطفال ونساء- من المشاركين في الاحتجاجات التي اندلعت رفضا لانقلاب البرهان في الخامس والعشرين من أكتوبر للاعتقال والتعذيب والضرب المبرح على أيدي القوات الأمنية.
وتجرم المواد من 18 إلى 22 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الصادر في العام 1966 وخاصة المواد من 18 إلى 22 قمع واعتراض الاحتجاجات السلمية ويشمل ذلك الاحتجاجات وحملات المقاومة السلمية أو المقاومة المدنية أو اي حركات سلمية المقاومة ردًا على انقلاب عسكري.
قطع الإنترنت
خلال الفترة ما بين يونيو 2019 وحتى ديسمبر 2021 اقدم المجلس العسكري برئاسة البرهان على قطع خدمات الإنترنت والاتصالات ثلاث مرات مما يشكل مخالفة واضحة للقوانين والمواثيق الدولية.
وفي 2016 اصدر مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة قرارا يعتبر المنع المتعمد أو عرقلة نشر المعلومات والوصول إليها على شبكات الإنترنت انتهاكا للقانون الدولي لحقوق الإنسان،وباوامر مباشرة من لجنة البرهان الأمنية قطعت شركات الاتصالات العاملة في البلاد وهي “زين” و “سوداني” و “ام تي ان” شبكة الإنترنت والاتصالات عند بدء عملية فض الاعتصام في يونيو 2019 وفي مرتين خلال احتجاجات 2021 المناوئة للانقلاب مما اسهم بشكل مباشر في إخفاء الحقائق ومنع التواصل بين السودانيين وزاد بالتالي من الخسائر البشرية.
ويقول عبدالعظيم حسن من مجموعة المحامون المتحدون للراكوبة إن قطع الإنترنت من قبل شركات الاتصالات يشكل سابقة خطيرة ويخالف كافة القواعد القانونية والاخلاقية.
ويوضح عبدالعظيم انه وعلى الرغم من التقارير التي تشير إلى ان امر القطع صدر من المجلس العسكري الحاكم ؛ إلا ان ذلك لا يعفي شركات الاتصاالات من المسؤولية الجنائية إذ ينص قانون مكافحة جرائم المعلوماتية للعام 2018 على انه لا يجوز الاستجابة لامر بارتكاب جريمة.
استخدام المرتزقة
تشير العديد من التقارير الموثوقة إلى استخدام مرتزقة أجانب ومجندين في صفوف مليشيات حميدتي وجبريل ابراهيم وحركة تمازج في التصدي للمحتجين بعنف مفرط مما نجم عنه مقتل 49 وإصابة المئات بالرصاص الحي وعبوات الغاز المسيل للدموع خلال المسيرات التي اندلعت في أعقاب انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر.
وينطبق على مرتزقة الدعم السريع التعريف الوارد في الاتفاقية الدولية لمناهضة تجنيد المرتزقة؛ التي تعتبر المرتزق بأنه هو المقاتل الأجنبي الذي يشارك في الإطاحة بحكومة ما أو تقويض النظام الدستوري للدولة.
كما تجرم المادة 2 من القانون “كل شخص يقوم بتجنيد أو استخدام أو تمويل أو تدريب المرتزقة”. وبذات القدر تجرم المادة 3 “كل مرتزق يشترك اشتراكاً مباشراً في أعمال عدائية أو في عمل مدبر من أعمال العنف”.