“التضخم”.. متوالية ارتفاع تعكس انهيار الاقتصاد بعد الانقلاب
الخرطوم: الراكوبة
خلال سبعة أشهر، صمد فيها معدل التضخم في البلاد، سالكاً طريق الانخفاض بالرغم من الزيادات الكبيرة التي شملت جميع السلع بسبب زيادة رسوم الخدمات الحكومية.
وسجل معدل التغير السنوي “التضخم”، معدلا بلغ 263.6% لشهر مارس 2022، مقارنة بمعدل 258.40% لشهر فبراير 2022م بارتفاع قدره 4.76 نقطة.
ووفقا للبيان الصحفي، للجهاز المركزي للإحصاء الصادر اليوم الأربعاء، فإن معدل التغير الشهري للرقم القياسي العام لأسعار السلع الاستهلاكية والخدمية قد سجل 13.02% لشهر مارس 2022 مقارنة بمعدل 14.39% في شهر فبراير 2022.
ويرى الخبير الاقتصادي د.وائل فهمي أنه بالرغم من استقرار معدل التضخم الجامح في اتجاه الانخفاض خلال الأشهر الماضية اصبح المواطنون على وعي كافي بأن أسعار السلع والخدمات استمرت في الارتفاع، بسبب السياسات التحريرية للحكومة الحالية خاصة بعد انقلاب 25 اكتوبر ٢٠٢١ وما ترتب عليه من توقف كل أشكال التعاون الدولي للسودان.
وأكد لـ”الراكوبة” إنه بأخذ الاعتبار للواقع اعلاه، فقد كان من المتوقع ان يرتفع معدل التضخم الشهري عند نسبة ٢٦٣،١٦%، أي عند مستوياته الجامحة المستمرة منذ عام ٢٠٢٠ وحتي تاريخه، بسبب سياسات بنك السودان ووزارة المالية التي حررت كل من أسعار الوقود والغذاء بما فيه الخبز والتحرير الجزئي للكهرباء والمياه، واستمرار تأثيراتها عبر الزمن على كافة السلع والخدمات مستقبلا.
وقال ان تقرير الجهاز المركزي للإحصاء يؤكد مدى تأثير تحرير أسعار النقل (إرتفاع بنسبة ٤١،٣٨%) ويليه الغذاء (بنسبة ارتفاع ٣٥،٢٦%).
وأضاف “بالتأكيد بفعل تحرير أسعار الوقود والكهرباء الى جانب السياسات الاخرى التي استمر كل من البنك المركزي ووزارة المالية في تنفيذها بما ادى الى الدفع بمعدلات التضخم الى اعلى رغم انعكاس اتجاه سعر الصرف نحو الهبوط بعد تجاوزه حاجز الـ ٨٠٠ جنيه للدولار. ويأتي بعد ذلك استمرار أسعار الغذاء في الارتفاع”.
وأشار إلى أن للحرب الروسية الاوكرانية دور كبير في ارتفاع أسعار سلع الطاقة والغذاء بقطاعي الطاقة والغذاء في دفع أسعارها إلى أعلى خلال الشهر الماضي، إلا أن تقرير الجهاز أفاد بحقيقة اخرى في غاية الاهمية وهو معدل التضخم الأساسي الذي يستبعد أسعار سلع قطاعي الطاقة والغذاء لتحديد آثار بقية السلع والخدمات على دخل المواطن العادي، وبالتالي حقيقة التكاليف المعيشية عليه.
وبيّن أن معدل التضخم الأساسي هو تضخم جامح ويبلغ ما نسبته ٣٦٨.٨٤% متضمنا أسعار السلع المستوردة (بنسبة ارتفاع ١٣٩،٢٧%). بمعنى أنه باستبعاد سلع قطاعي الطاقة والغذاء، فإن أسعار بقية متطلبات المعيشة تحتاج إلى أكثر من ثلاث أضعاف ونصف من الدخل لتغطيتها. او ان الدخل المتوسط للمواطن لا يغطي أكثر ثلث تكاليف المعيشة من دون الوقود والغذاء، الأمر الذي اعتبره مؤشر يشير الى اي مدى وصل الانهيار في دخل المواطن وعجزه عن تغطية الحد الأدنى من المعيشة على مدى شهر كامل.
كما أنه انعكاس للانهيار الاقتصادي الحادث في البلاد.
وأضاف أن التحليل الدقيق لمؤشر التضخم الجامح حاليا ينذر بما لا يحمد عقباه اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا وتجارة دولية، ما لم يتم استدراك الوضع بتغيير منهج وسياسات ادارة الاقتصاد الحالية.
وتابع “لو أن المشكلة لم تعد سياسية فقط. بل هي اقتصادية من الطراز الأول بفعل سياسات بريتون التي أدخلت البلاد والعباد في هذا الوضع الراهن المذري والخطير”.
ويرى رئيس قسم الدراسات الاقتصادية بمركز الراصد د. الفاتح عثمان ان معدلات التضخم لشهر مارس سجلت إرتفاع لأول مرة منذ سبعة أشهر إذ بلغت معدلات التضخم 263٪ بدلا عن 259،٪ في فبراير الماضي وهذا الارتفاع ناتج أساسا بسبب الانهيار الكبير في سعر الصرف للجنيه السوداني في شهر مارس جزئيا بسبب الحرب الروسية الأوكرانية.
بيد أنه توقع ان ينخفض معدل التضخم في شهر أبريل مستفيدا من التحسن الكبير في سعر الصرف للجنيه السوداني.