الخطيب: تشكيل حكومة جديدة لن يحل المشكلة ولابد من المحاكمة، هدفنا تفكيك الدولة العميقة

الوطني أضعف دور النقابات ومكّن عناصره وزّور انتخاباتها
اضطر العمال لتكوين أجسام لاستعادة نقاباتهم من الاختطاف
لن ندخل في حكومة طرفها الوطني ولسنا مع عزله سياسياً
النظام فرّط في السيادة ومن زحفوا للخرطوم هو من شردهم
الانضمام للوطني سيكون عاراً للجرائم التي ارتكبها بحق الوطن وشعبه
حوار : مشاعر دراج

عجز النظام في التعاطي مع متغيرات الساحة على الصعيدين السياسي والاقتصادي جعل الأزمة في السودان تتوسع لتشمل كافة شعاب الحياة، وهذا ما دفع الحزب الشيوعي السوداني للقول إن مستقبل البلاد وافق التغيير السياسي والاجتماعي الذي ينطلق بتحريك أدوات النضال هي مهمة الشعب الذي عانى من القمع وكبت الحريات ولم يستبعد الحزب أن تكون سياسات النظام سبباً في تفتيت الوطن جراء تراكم الأزمات التي استحال معها توفير أبسط مقومات الحياة والعيش الكريم وهذا ما دفع الشيوعي للتمسك بإسقاط النظام وتفكيكه لإيجاد حل جذري لمشكلات الوطن لأن الحل لن يتحقق في وجوده الذي يرى الحزب أنه أصبح خطراً على البلاد ووحدتها، لافتاً إلى أن مقاومة الجماهير للنظام بدأت منذ استيلائه على السلطة لكنها اشتدت في الأيام الفائته بتفجير الاحتجاجات الحالية التي شملت غالبية المدن وعبره تم انتزاع الكثيرمن الحقوق ولمعرفة الكثير عن رؤية الحزب للتعاطي مع الأوضاع الحالية في ظل الغموض الذي يكتنف المشهد السياسي الحزبي الذي تحرك أخيراً للحاق بحراك الشباب أجرت (الأخبار) حواراً مع السكرتير السياسي للحزب الشيوعي محمد مختار الخطيب فماذا قال:

على مر التاريخ النقابات متهمة بأنها الذراع الخفي للحزب الشيوعي ما ردكم على هذا الاتهام؟
أولاً من الضروري أن نفرق بين الحزب والنقابة فالحزب لديه نظرته وخطة السياسي وبالتالي هو يعمل بناء على هذا الخط الذي يعبر عن مصالح وتطلعات أي فئة من فئات المجتمع لذلك فالحزب الشيوعي يعبر عن مصالح الطبقة العاملة وبل وكافة القوى العاملة في مجال الانتاج وكل المنتجين في السودان أما النقابة فهي تخص العاملين سواء كانوا عمال أو المهنيين أو فنيين أوغيرهم اذن فالنقابة لكل العاملين بمختلف فئاتهم وهي دائماً تكون مطلبية إصلاحية أما حزبنا فهو حزب ثوري يعمل على التغيير الكامل للوضع الحالي لصالح تلك الفئات والشيوعيون موجودون في داخل مجالات العمل ووسط المزارع وهم في داخل النقابات والتنظيمات يلعبون دوراً خاصة وان النقابة للجميع وهي مؤسسة تخضع لجمعية عمومية ولا تتخذ القرارت فيها إلا بديمقراطية واتفاق الجميع بالتاكيد نحن مع التغيير ومع اتجاه ما نفعله وسط النقابات من اجل العمل الإصلاحي حتى ننال ما يصبوله ومن غير قانون العمل النقابي خاصة وأن النظام هو من يقف ضد النقابات لأنه يريد تحويلها من نقابات فئات الى نقابات منشأة وربط جهات واسعة لا تستطيع أن تتصل مع بعضها البعض بسهولة من أجل أن يقلل فعاليتها والعامل هو من وكيل الوزارة حتى آخر موظف وهو واقع غير معقول ولا يمكن أن يكون المخدم والمستخدم في نقابة واحدة والغرض من هذا تقليل العمل النقابي ونقابة المنشأة تهدف لجعل العاملين كلهم في نقابة واحده وهذا لايتماشى مع التقاليد في العمل النقابي والنظام اعتبرها طريقة ناجحة أدت دورها بل ذهبت النقابات لأبعد من ذلك حيث عملت على تزوير الانتخابات ولم تتبع الديمقراطية بل تقوم بانتخابات بطريقة انتهازية تعمل على فرض عناصرها ولا تقدم كشوفات ولا جمعية عمومية صحيحة ولا خطاب دورة ولا ميزانية مالية حتى يحاسب العاملون قياداتهم لذلك اضطر العاملون حالياً الى تكوين أجسام ليست نقابات موازية بل تعمل على استعادة نقاباتهم من الاختطاف الذي تم ونؤيد هذا الطريق.
*هناك اتهامات للحزب الشيوعي بأنه يقف وراء الاحتجاجات الحالية ؟
الاحتجاجات ليست وليدة الساعة بل هي نتاج تراكمي للأزمات فمنذ ان جاء هذا النظام والمظالم التي ارتكبها ضد الشعب وتحركه ناحية تمكين عناصره في الخدمة المدنية وتشريد كل من يعارضه تحت سياسة الولاء قبل الكفاءة وفصله لمئات العاملين وتجريده لأراضي المزارعين بشتى الطرق وفي ذلك مشروع الجزيرة مثال جيد والذين كانوا يعملون في الزراعة نسبة للصعوبات والعراقيل التي تواجههم والتي كانت سبباً في دفعهم لترك المهنة والمجئ للعمل في بالخرطوم وحتى المصانع الموجودة تعاني، وهذا النظام شلّ الصناعة ومقوماتها مما عطلها وبالتالي لايوجد مجال عمل لاستيعاب العاملين الجدد فكان ذلك سبباً في اكتظاظ الخرطوم التي بلغ عدد سكانها عشرة مليون نسمة ما أجبر عدداً كبيراً من المواطنين الى الاتجاه للعمل الهامشي وضاقت مواعين الخدمات التي باتت تقدم لعدد قليل من سكان العاصمة حيث زحفت كل الأقاليم للخرطوم بعد تشريدهم وتجفيف مناطقهم وضعف الخدمات في الولايات من مياه شرب وكهرباء ومواصلات وخبز وخلافه كما تم بيع اراضي المزارعين وابعادهم عن اراضيهم وأمامنا تجربة الدالي والمزموم التي تم توزيعها الى مستثمرين، وحرم الرعاة من مرعاهم ،فضلا عن شن الحروب من أجل أن يطرد بعض الأهالي من مناطقهم والاستيلاء عليها وبيعها،وبسبب كل هذه الممارسات ونتاجاَ لهذا الفساد لابد أن ينفجر الشعب في يوم من الايام وبالتالي و من خلال 30 عاماً وصل الشعب الى قناعة ان الامر لا يحل بتلك الطريقة ورأوا ألا حل إلا باسقاط النظام وبذلك تحولت الاحتجاجات الى شعارات سياسية كما نقول نحن لا حل إلا بزواله وضرورة تفكيكه فالنظام عمل على التمكين وهي دولة عميقة ولا يكفي أن نتخلص من الحكومة فقط بل الدولة العميقة حتى لا يديروا البلاد من وراء ظهر الحكومة .
*اتجه المؤتمر الوطني لإدارة حوار مع الشباب لكنه ربما عملياً يريد الحوارمع قوى المعارضة كيف تنظرون لهذه الخطوة؟
هذا النظام أساساً جاء بانقلاب عسكري واستولى على السلطة وارتكب أخطاء ونفذ سياسات خاطئة أكدت فشله في نقل السودان إلى آفاق أرحب و كان هناك ترتيبات لعقد مؤتمر قومي دستوري تواثق عليه الجميع لحل قضايا الوطن ولكن انقلاب الانقاذ حال دون ذلك لأن النظام لا يعترف بالتعدد والتنوع بالبلاد ولا يتعامل معه الأمر الذي أجج الصراع وقاد لانفصال الجنوب وأحدث الكثير من الحروب والصراعات في دارفور والنيل الازرق ومن أجل أن تحمي الانقاذ نفسها وجهت كل ميزانية الدولة لخدمة رؤيتها ومارس القائمون على أمرها سياسة قمع وتعذيب مع كل من يخالفهم الرأي ومع ذلك توافق الجميع من خلال اتفاقيات مشاكوس ونيفاشا لتحقيق السلام الشامل إلا أن الانقاذ لم تلتزم بالدستورالذي وضعته والاتفاقيات التي صادقت عليها بل وعملت على تزوير الانتخابات ليس في الاقتراع بل ابتداء من الإحصاء لذلك كله قرر الشعب رفع شعار إسقاطه ومعروف أن هذا النظام كل ما يختنق سياسيا واقتصاديا يدعو للحوار آخرها حوارالوثبة ونحن لم نرفض الحوار من حيث المبدأ ولكن طالبنا بمطلوبات محددة كانت مطروحة في الاتفاقيات المبرمة التي لم يف بها النظام ومع ذلك اقدم النظام على حواره والنتيجة ان الذين حاوروه اليوم يشتكون من عدم وفائه والتزامه بمخرجات وثيقة ذاك الحوار والآن هناك أعداد كبيرة انسحبت من ما اسموه بميثاق الحوار ونحن نقول أن النظام غير مؤهل للحوار لأن ايدلوجيته تمنعه أن يكون ديمقراطياً فهو يعتقد انه يحمل رسالة سماوية يجب نشرها في الأرص ومن يخالفه فهو كافر معارض لتلك الرسالة لذلك لا يعترف بالتنوع ولا يمكن ان يكون كذلك مع أن إحدى قضايا البلاد التنوع والثقافات والجانب الآخر فهو نظام رأسمالي طفيلي لا يعمل بالإنتاج ولا يهتم بمصالح المنتجين فهم يريدون تدوير المال بسرعة من أجل أن يغنى أفراده ويلجأ للوسائل التي تؤمن لهم حياة البذخ من خلال الفساد المستشري الآن وكل هذا الذي يحدث ضد مصالح الشعب بكل فئاته ولابديل لتغيير هذا الواقع إلا أن يسقط لأن السياسات المتبعة أدت لتفاقم الأزمة الداخلية وفرّط في السيادة الوطنية بخضوعه لاملاءات جهات أجنبية عالمية واقليمية بعد ان كان ضد الدخول في اي تحالفات عسكرية الان اصبح جزءً من التحالف العربي الاسلامي هذا التحالف الرجعي يخضع الشعوب لمصالح الأنظمة وأيضاً الامر مرتبط بمصالح الامبريالية العالمية لذلك نجده يستقبل CIA ويشترك في (الافريكون) تحت إدارة الدفاع الامريكي في منطقة افريقيا والشرق الاوسط بل وافق النظام على إقامة قاعدة عسكرية على البحر الاحمر ومن قبل كان السودان يعمل على أن تكون تلك المنطقة آمنة لتأمين التجارة العالمية وأن يكون آمناً لكل الشعوب المطلة عليه ،وللأسف فرّط النظام في كل شي يهدد أمن الوطن والشعب نتيجة لذلك سيصير السودان في مرمى نيران كل القوى المتصارعة على النفوذ بالمنطقة التي تعمل لضرب القاعدة الموجودة لضرب مصالح الدول الأعداء في نظرهم .
*شكل النظام أكثر من حكومة آخرها الحكومة الحالية ومازالت الأزمة جاثمة هل المشكلة في الاشخاص أم في السياسيات؟
تشكيل الحكومات لا يأتي بحلول حيث لا تستطيع اية حكومة أن تجد حلاً للقضايا الحالية بل يجب ان ننظر ماذا هناك أولاً وهذا لايعني اننا نشكك في مقدرات الآخرين ولكن نقول في ظل السياسات خاطئة حتى لو أتوا بكل الكفاءات السودانية لا تستطيع إيجاد حل طالما ان السياسيات هي نفس السياسات لذلك نقول أن الازمة بدأت منذ 1989.
*لماذا يتمسك الشيوعي بمواقفه دون أي تتغيير على مر السنوات مع العلم أن المشكلات لا تعالج الإ بالحوار؟
النظام لا يريد حواراً والدليل على ذلك قدمنا له مطلوباتنا تمهيداً للدخول مع كل القوى السياسية في حوار حقيقي وجاد لإيجاد حل شامل ولكن النظام جاء اساساً ليوقف الحوار وأصلا كان هناك مؤتمر قومي دستوري في 1989 وفقاً لاتفاقية الميرغني قرنق ولأنه لا يريده أقام الانقلاب واجهض فكرة قيام المؤتمر الدستوري الذي اعتقد أنه كان سيكون الطريق لحل قضايا البلاد.
*اذن لماذا يتمسك الشيوعي باسقاط النظام فقط ؟
ليس هناك حل في وجود هذا النظام وسياساته فهو غير ديمقراطي ويعبر عن مصالح رأسمالية طفيلية وهذه المصالح تتعارض مع كل طبقات وفئات الشعب التي تعمل في مجال الانتاج كما انه يعمل على التفريط في السيادة الوطنية ويبيع موارد الوطن للأجانب ولا بديل سوى هذا الخيار.
*خرج (22) حزباً من الحكومة لكنكم أعلنتم أن لا مكان لهم في المعارضة لماذا؟
لم نقل ذلك فنحن لسنا بالجهة التي تمنح الاذن بالمعارضة أوتقف مع الحكومة وما قلناه أن نتوحد بخروجهم من الحكومة وأن ينحازوا مع الشعب في انتفاضته وبما أنهم كانوا جزء من الحكومة لدينا مبدأ أساسي أن كل من أضر بالوطن أوالشعب لا بد أن يقدم لمحاكمة عادلة لذلك قلنا أن الترتيبات في الفترة الانتقالية لن يكون لهم موقع حتى يثبت القضاء أنهم لم يرتكبوا أخطاء ضد الشعب ولكن لا نبخل بأن تكون تنظيماتهم عاملة وأن تمارس نشاطها وسط الجماهير فالشعب هو من يحدد ان يكون الحزب موجوداً أو لا.
*على ذكرك للحكومة الانتقالية في حال موافقة النظام على تشكيل حكومة انتقالية ماهو موقفكم ازاء ذلك؟
لن ندخل في اي حكومة طرفها النظام وكلنا نعلم بأنه يريد إجراء تغييرات شكلية فهناك دولة عميقة يجب أن تُصفى حيث لديه قواه العاملة داخل الأجهزة تدير الدولة من خلالها.
*اتهمكم بعض الإسلاميين في أحداث سبتمبر بمحاولة اقصائهم رغم مشاركة المؤتمرالشعبي في قوى الإجماع الوطني ؟ ما تفسيركم لذلك ؟
لم نقص احداً وليس لدينا الحق في ذلك فكل من يريد المعارضة عليه أن يحضر فالشعب هو الذي يحدد ويحكم.
*رفعت شعارات في الاحتجاجات تنادي بكنس الإسلاميين فهل أنتم مع هذا الاتجاه خاصة وأن الإقصاء يولد اقصاءً مضاداً؟
الجماهير هم من يحددون خياراتهم كما قلت سابقاً والإسلاميون الآن موقفهم ضد الحراك الحالي والنظام ينتهج العنف والقتل ضد الشعب وبالتالي هو يريد أن يبقى في السلطة بالقوة ومن الضرورة أن يرفض الناس هذا الحزب ونحن مع إسقاطه وتفكيكه وتصفيته وسيتم تقديم كل من ارتكب جرائم للمحاكمة ولسنا مع اتجاه عزله فالجماهيرهي التي تحدد إلى اي مدى يستمر هذا النظام كما حدث للاتحاد الاشتراكي الذي طرح نفسه في الساحة دون أن يكون له قوى أوعضوية وأتوقع أن يكون انضمام المؤتمر الوطني عارا يسبب ما ارتكبه من جرائم بحق السودان وشعبه .
*نادى الشيوعي مؤخراً بالإضراب السياسي والعصيان المدني هل تتوقع أن ينجح تجمع المهنيين في ذلك؟
نحن في حالة انتفاضة وفي اكتوبر كان هناك ثلاثة عناصرلإسقاط النظام الأساسي فيه احتجاجات الشارع وعندما يصل الاحتجاج ذروته سيتم الدعوة للعصيان والإضراب السياسي وبالتالي يتم شل حركة الحكومة ويحرم النظام من أية موارد مالية في سبيل تسيير الدولة وهذا يعطي الفرصة للجماهير حتى تكون في الشارع وتعمل على إسقاطه وليس هناك جهة معينة فالقيادة التي تتبلور اثناء هذا الصراع هي من تدعو للعصيان وليس تجمع المهنيين .
*أيهما أفضل في نظركم تغيير النظام ديمقراطياً أم بثورة شعبية؟
إذا كان هناك مناخ ديمقراطي حقيقي يمكن تغييره عبر الديمقراطية ولكن النظام جربناه عدة مرات فزّور عدة انتخابات ولم نرفض يوماً أن نمارس الديمقراطية ليتم تداول السلطة عبرها ولكن تجربتنا معه في 2010 و2015 أكدت انه غير ديمقراطي ويعمل على تزوير الانتخابات ومن الضرورة تفكيكه ونرفض أن يكون النظام موجوداً في الانتخابات بهذا الوضع وألا يكون جزءً من الانتخابات والان نفضّل ان يتم اسقاطه عبر الانتفاضة وليس عبر انتخابات .
*الوطني حذر من مصير مجهول للسودان ولم يستبعد التدخل الدولي حال تفجرت الأوضاع؟
ذاك رأيه هو ونحن نرى أن الشعب عظيم ومعلم ويستطيع الوصول لمراده بسلام وما نراه حالياً بالاحتجاجات تنادي بالسلمية والمظاهرات والمواكب تجري في كل بقاع البلاد وجميعهم قد اتحدوا تحت شعار واحد وأجمل تلك الشعارات (ياعنصري يامغرور ..كل البلد دارفور) وهذا يوضح أن كل الناس جزء من دارفور وأن قضاياها جزء من قضايا هذا البلد وليست معزولة.
الأخبار

قد يعجبك ايضا