لا تدعوها تموت
تصاعدت وتيرة العمل الثوري بالسودان، حتى أصبحت اسلوب حياة لعدد غير قليل من افراد وفئات الشعب السوداني، وبات اليوم الذي لا يوجد فيها تظاهر حسب جدول تجمع المهنيين وحلفاؤه الثلاثة، مملا رتيبا برأي الكثير من المتظاهرين، يوما غير محسوب من أعمارهم.
السبب بالطبع ليس رغبة في الخروج اليومي وتعريض الأرواح للخطر في ظل ردود الافعال القاسية والقاتلة من قبل أجهزة النظام القمعية، ولا يمكن أن يكون لمجرد السياحة الثورية كما علق أحد الظرفاء، بل هو إيمان تام بقضية أصبحت هي مبتدأ وخلاص الشعب السوداني، (حرية – سلام وعدالة).
ومع كل الحراك الضخم الذي دخل يومه ال 44 اليوم، والذي إنتظم معظم ولايات السودان بالمدن والأرياف، وما تعرض له الابرياء المجردين من أي سلاح سوى شعار (حرية سلام وعدالة)، وغيرها من شعارات سلمية آمنوا بها وعملوا لأجلها، لم يعد أمام هذه الجحافل سوى الإستمرار في ثورتها حتى النصر.
لم يعد ممكنا توقف التظاهرات والإنسحاب ولو خطوة واحدة للخلف، إكراما لشهداء قدموا ارواحهم الغالية مهرا لثورة التغيير الحقيقي، أملا في وطن جديد يسع الجميع. وللتأكيد على عدالة القضية التي مست جميع فئات الشعب السوداني بإستثناء المستفيدين من هذا النظام والمرتزقة التي يتسولون على موائد زبانيته في انتظار الفتات.
الثورة التي إنتظمت مدن وقرى السودان لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتم إجهاضها كما حدث من قبل أكثر من مرة، لأنه متى ما حدث تراخي لا قدر الله، فإن الجميع وبلا إستثناء سيعود لمربع 1 ، ولن يترك هذا النظام بحسب عقليته الدموية الممتلئة غلا وحقدا على الشعب، أي شخص أمامه، سيكون إنتقامه عشوائيا وبلا رحمة، لن يشفع لمنسوبي النظام علاقات دم من قرابة أو نسب أو حتى صداقة ناهيك عن الأشخاص العاديون، سيكون هذا النظام أشبه بالثور الهائج في مستودع الخزف، لن يهنأ الشعب السودان ليلة واحدة مع (الحفلات الإنتقامية) التي سيقيمها ليل نهار ليجهز بها على أبناء الشعب الابرياء، لن يهمه سوى القضاء على أي شخص لا ينتمي لمؤسستهم سيئة السمعة المسماة(مؤتمر وطني)، لن تكون في قلوبهم ذرة رحمة تجاه الطلاب واساتذة الجامعات ومعلمي المدارس، لن تأخذهم رأفة بستات الشاي ولا أصحاب الدرداقات، ولا حتى بعمال النظافة ولا الاطباء ولا المهندسين.
لن يكون هناك حاجزا أخلاقيا بينهم وبين كبار السن وربات البيوت، لن يسمحوا بوجود اي شخص يطالب بحياة حرة كريمة أسوة ببقية (خلق الله).
لن يكن لديهم متسع من الوقت ليستمعوا لمطالب شباب ضاع نصفه وهو يبحث عن وظيفة، والنصف الآخر ماتت عزيمته وإكتفى بدور الكومبارس في مسرح الوطن المستلب.
لا يجب ان تموت الثورة التي شجعها جميع العالم وهتفت بسلميتها وأدبها كبار الإعلاميين بالعالم، لا يجب ان نجهض حلمنا وحلم دول تمنت أن تعود للسودان سمعته وإسمه المعروف.*
يجب علينا جميعا أن نحمي ثورتنا بإستمراريتها، ودعمها بتزايد اعدادنا يوما بعد يوم، وعدم رهبتنا من دخان بمبان أو رصاص حي، فالموت واحد ولكل أجل كتاب.
إذا لم نخرج نحن الشعب الذي عُرف بثوريته العظيمة بين جميع دول المنطقة، فمن سيخرج ليدافع لنا عن ترابنا وكرامتنا المهانة؟
مشاركة جميع أفراد الشعب السودان في هذه الثورة (فرض عين) بفهم الساسة، والمشاركة لا تعني الخروج والتظاهر فقط، بقدرما تعني الإيمان بالثورة والدفع بكل ما يؤدي بها إلى الخلاصات التي هي حلم الشباب الآني، ومستقبله القادم.
شعلة الثورة يجب ان تظل متقدة مهما كانت التضحيات ومهما علا الثمن.
الجريدة